القيلولة سنّة مهجورة
كثير من السنن النبوية ماتت في حياة الناس
ولا يكون لها أهمية إلا إذا ألبست لباس
الاكتشافات العلمية الحديثة
فالحجامة -على سبيل المثال - مع كونها سنّة نبوية يجب أن توضع موضعها الصحيح حتى تطبق السنة بشكل إيجابي ، ومع كون النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليها في زمنه ، فإنها لم تأخذ حظا من الانتشار في حياة المسلمين ، حتى جاءت الدراسات الغربية لتؤكد أهمية الحجامة كنوع من العلاج
فوائدعلمية للقيلولة
ومن تلك السنن التي أضحت معدومة في حياة المسلمين ، سنّة القيلولة ، وبدأ أهل العلم يتحدثون عنها وعن فوائدها ، وكتبت فيها أبحاث هامة
تؤكد فوائدها العلمية
ويشير الدكتور حسان شمسي باشا إلى ما أكده الباحثون في دراسة نشرت في مجلة العلوم النفسية
: من أن القيلولة لمدة 10 – 40 دقيقة ، وليس أكثر
تكسب الجسم راحة كافية -
وتخفف من مستوى هرمونات التوتر المرتفعة -
في الدم نتيجة النشاط البدني والذهني
الذي بذله الإنسان في بداية اليوم
ويرى العلماء أن النوم لفترة قصيرة في النهار
يريح ذهن الإنسان وعضلاته -
ويعيد شحن قدراته على التفكير والتركيز -
ويزيد إنتاجيته وحماسه للعمل -
وأكد الباحثون أن القيلولة في النهار لمدة
لا تتجاوز 40 دقيقة لا تؤثر على فترة النوم في الليل
أما إذا امتدت لأكثر من ذلك ، فقد تسبب
الأرق وصعوبة النوم
وتقول الدراسة التي تمت تحت إشراف الباحث الأسباني د. إيسكالانتي
إن القيلولة تعزز الذاكرة والتركيز -
وتفسح المجال أمام دورات جديدة -
من النشاط الدماغي في نمط أكثر ارتياحا
كما شدد الباحثون على عدم الإطالة في القيلولة
لأن الراحة المفرطة قد تؤثر على نمط النوم العادي
وأشار الدكتور إيسكالانتي إلى أن الدول الغربية
بدأت تدرج القيلولة في أنظمتها اليومية
وأوصى بقيلولة تتراوح بين 10 – 40 دقيقة
القيلولة في حياة المسلمين
ورغم كثرة الأبحاث العلمية التي تناولت القيلولة
ومع أهمية هذه الأبحاث ، فإننا نشير إلى القيلولة على أنها سنة نبوية مهجورة ، وحين يطبقها المسلمون يطبقونها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يكون في فعلها اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم ينال منه المسلم ثوابا من الله تعالى
مع ما فيها من الفوائد
ومن المعلوم أن القيلولة هي نومة وسط النهار
وكان من السنّة أن يقيّل المسلمون إذا كان الجو حارا ويؤخرون صلاة الظهر ، فيصلون جماعة وليس فرادى ، إلا يوم الجمعة ، فإنهم كانوا
يبكّرون بالصلاة ، ثم يقيّلون بعدها
: عن ابن ماجه بسنده عن سهل بن سعد ، قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما كنا نقيّل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة
: وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال
كنا نبكّر بالجمعة ونقيّل بعد الجمعة
ويلاحظ أن الصحابة كانوا يحرصون على وقت القيلولة حرصا شديدا ، حتى إن أحدهم إن لم يستطع القيلولة بالبيت ، قال في المسجد
الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يحافظ على نومة القيلولة
فوائد القيلولة الإيمانية
وإن كان للقيلولة فوائد صحية ، أشارت إليها الأبحاث فإن للقيلولة فوائد إيمانية ، أهمها
إراحة الجسم حتى يستطيع القيام بالعبادة ، فكلما كان الجسد في راحة ، بعيدا عن الإجهاد والتعب
كان أداء الإنسان لعبادته أفضل ، وفرق بين من يتجهز للصلاة والطاعة ، وبين من يفعلها إسقاطا لأداء الواجب ، ولعل أحدنا يتذكر يوما كان فيه مجهدا
فقام للصلاة ، فما وجد فيها إلا أداء للحركات
بغية إسقاط الفريضة ، أو أنه قرأ القرآن وهو مجهد فما عاش مع معانيه ، ومن هنا ، فإن إراحة الجسد بالقيلولة فيه دعوة لإتقان العبادة
الاستعداد لقيام الليل
فإن استرخاء الجسد بسنة القيلولة لا يجعل الجسد ينام كثيرا ، مما ينهض أصحاب الليل لأداء أشرف عبادة في الإسلام ، وهي قيام الليل
فقد أخرج ابن ماجه والطبراني عن ابن عباس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
استعينوا بطعام السَحَرعلى صيام النهار
وبالقَيْلُولَةِ على قيام الليل
قال حجة الإسلام : وإنما تطلب القيلولة لمن يقوم الليل ويسهر في الخير فإن فيها معونة على التهجد كما أن في السحور معونة على صيام النهار
فالقيلولة من غير قيام الليل
كالسحور من غير صيام النهار
والقيلولة مما يساعد الإنسان على المحافظة
على صيام النافلة
القيلولة من شيم الصالحين ، وقد كان السلف رضوان الله عليهم يحرصون عليها أشد الحرص ، لما لها من أثر كبير في حياة الإنسان ، حتى إن الواحد ليتابع عماله وأهل بيته في المحافظة عليها ، ففي حديث مجاهد قال : بلغ عمران عاملا له لا يقيل ، فكتب إليه أما بعد فقِلْ فإن الشيطان لا يَقيل
فهل نعود إلى سنة القيلولة
أم تتيه منا في زحام العمل ؟
أثبتت دراسة حديثة أن غفوة القيلولة تزيد من إنتاجية الفرد وأوضحت دراسة حديثة صادرة عن معهد علم النفس الأندلسي في جنوب أسبانيا أن غفوة القيلولة تزيد من إنتاجية الموظفين والعمال
وتسهم في إزالة التوتر حيث تؤدي الى الراحة الدماغية والإرتخاء العضلي والعصبي
مما يساعد على الإنتاجية
وتضيف هذه الدراسة الى أن القيلولة
تعزز الذاكرة والتركيز
وتفسح المجال أمام دورات جديدة من النشاط الدماغي مما يؤدي الى الإرتياح النفسي والعصبي والجسمي