[align=center:a5611fbec9]يروى يا سادة ياكرام أنه وقبل أكثر من ستين سنة كانت تعيش وفي أحدى قرى نجد ساحرة عجوز لا يعرف لها أي قريب .
عرفت هذه الساحرة ببطشها و جبروتها فقد أستطاعت و في أحدى المرات أستخدام سحرها لقتل خمسة رجال أشداء مرة واحدة ! كما انها كانت في قمة الغموض . فقد قيل أنها لا تخرج من بيتها الا مرة واحدة كل خمسة سنوات و كانت تؤذي اي شخص يقترب من بيتها ليستطلع أمرها . كما أنها لا تستقبل في بيتها الا من يطلب منها السحر مقابل الأموال .
كانت هذه الساحرة مثار أستياء و قلق أهل القرية وخاصة من جاور بيته بيتها . ففي أحدى المرات قام جيرانها من النوم ليجدو بيتها قد أختفى كما أنهم تعودو على تلك الأصوات المرعبة التي كانت تصدر من بيتها وكذلك أصبحو يعانون من تلك الأضواء المريبة و الساطعة التي كانت تخرج من بيتها .
حاول رجال من أهل القرية نصحها الا أنهم فشلو في ذلك فقد كانت هذه الساحرة تضر من يحاول الدخول الى بيتها لغرض غير طلب السحر .
و لما أشتد غيض أهل القرية من هذه الساحرة شكوها الى حاكم هذه القرية . فما كان من الحاكم الا أن ذهب الى بيت الساحرة و معه ثلاث رجال من رجاله و كذلك أربعة رجال من وجهاء القرية .
ولما هم أحد رجال حاكم القرية بطرق باب الساحرة أتاه صوت الساحرة وهو يقول ( أدخل يابن عويد - أسم حاكم القرية - لحالك ) .
أستغرب الرجال أستغراب شديد من هذه الساحرة .. و لكن أستغرابهم تلاشى عندما تذكرو أنهم أمام بيت ساحرة متمرسة .
هم أبن عويد لدخول بيتها الا أن بعض الرجال حذروه من الدخول الى هذه الساحرة لوحده . فوافق على أخذ ثلاث رجال معه .. دخل أبن عويد الى بيت الساحرة فحاول رجاله الدخول ورائه الا أنهم لم يتمكنو من ذلك . فقد أُغلق هذا الباب بقوة شديدة و لما حاول الرجال فتحه بقوة بدأ هذا الباب بلإحمرار من شدة الحرارة فلم يتمكنو من كسره أو حتى الإقتراب منه .
هذا ما حصل لرفقاء أبن عويد أما ما حصل لأبن عويد نفسه فقد كان يفوق الخيال .. بعد أن دخل أبن عويد بيت الساحرة أغلق الباب ورائه بقوة شديدة . ألتفت ورائه ليعرف من أغلق الباب الا أنه لم يرى شيء . واصل أبن عويد سيره الى أن وصل منتصف الفناء . و قف هذا الحاكم و بدأ يتفحص بيتها بإستغراب شديد . فقد كانت الروائح الغريبة تفوح من كل جنبات البيت كما كانت الجدران تحمل رسوم و طلاسم غريبة جدا أما بيتها فقد كان يملؤه الرماد و العلب الفارغه و العظام و قصاصات من الأقمشة .. بعد أن رأى أبن عويد كل هذه الغرائب في بيتها ايقن أن هذه العجوز ساحرة ... لم يتمالك أبن عويد نفسه فقام بمنادات الساحرة بفضاضة فأتاه رد الساحرة من الغرفة الوحيدة الموجودة في ذلك البيت الصغير قائلة له ( وش عندك يابن عويد وش تبي ) .. رد عليها أبن عويد ( يا جهينة - أسم الساحرة - أطلعي خليني أتفاهم معك ) .. خرجت عليه الساحرة من الحجرة الوحيدة و لما رأها أبن عويد أصابه الرعب ..
فقد كانت هذه الساحرة دميمة الى أبعد درجة كما أنها كانت قصيرة جدا و كانت تسير وهي منحنية الظهر ومع ذلك فقد كان سيرها ينم عن نشاط و حيوية تتمتع به هذه الساحرة .. ولما تلاشى الذهول من أبن عويد هم بالحديث الى هذه الساحرة الا أن هذه الساحرة أستوقفته عن الكلام و قالت له و هي تأخذ مكانها في أحد جنبات الفناء ( أدري وش جايبك يابن عويد .. و أدري من اللي شاكيني ) رد عليها أبن عويد ( يعني تقرين أنك ساحرة ) ردت عليه الساحرة وهي تضحك ضحكات مريبة ( كل هذا ولا تدري أني ساحرة ) رد عليها أبن عويد بغضب شديد ( يالله يابنت الناس ألبسي عباتك و تعالي معي .. شرع الله لازم ياخذ مجراه ) كررت الساحرة هذه الضحكات بعد سماعها لرد أبن عويد ثم ما لبثت هذه الضحكات أن تحولت الى شرار يتطاير من عينيها وهي تقول ( أسمع يا أبن عويد لا أنت و لا الف مثلك يقدرون يسوون لي شيء .. مار فكني من شرك أنت ورجالك والا و الله لا أخليك تعذب باقي عمرك ) لم يتمالك أبن عويد نفسه من شدة الغضب فهم بالهجوم عليها الا أنه أحس بأطرافه قد تجمدت ولم يعد قادرا على تحريكها فبدأ بالصراخ و الذي جعل من بالخارج يزدادون قلقا عليه .. و بعد أن ملاء المكان صراخ أبن عويد أختلطت معه ضحكات الساحرة و قالت له ( هالمرة بفكك من شري لكن المرة الجاية ما يطهرك مني ولا ماء البحر ) ... بعد هذه الكلمات سقط أبن عويد أرضا ثم أصبح قادرا على تحريك أطرافه فما كان منه الا أن نهض و خرج الى من كانو بالخارج .. و بعد أن تطمن الجميع عليه أخذ رجاله وهو يحلف أيمان مغلضة بأنه سينتقم من هذه الساحرة .
وماهي الا أيام مرت على هذه الحادثة قام بعدها أبن عويد بإرسال أكثر من عشرة رجال أشداء للقبض على الساحرة الا أنهم لم يفلحو في ذلك فقد أستطاعت هذه الساحرة شل أطرافهم مدة نصف يوم مما جعلهم غير قادرين على الإمساك بها . و لكن أبن عويد لم يستسلم فأرسل لها مجموعة اخرى من الرجال الا أن ماحصل لهم كان مشابها لما حصل مع من سبقهم . و لكن ابن عويد واصل إرسال الرجال بإصرار كبير الا أن أطراف الرجال كانت تشل عندما يحاولون أقتحام منزل الساحرة .
بدأ اليأس ينساب الى نفس أبن عويد من هذه الساحرة فأوقف إرسال الرجال الى بيتها .. و بعد مدة من الزمن شار عليه أحد جلسائه بأنه يوجد رجل كهل طاعن في السن عرف بتقواه و ورعه فلربما يكون هذا الكهل قادرا على معاقبة العجوز و الإمساك بها .. الا أن أبن عويد أستهجن هذه الفكرة بحجة أنه أرسل أشداء القرية و لم يستطيعوا عمل شيء فكيف سيستطيع هذا الكهل الإمساك بهذه الساحرة ! . الا أن هذا الجليس أقنع أبن عويد بفكرته وقال أنه لا يوجد خيار أخر أمام الحاكم الا هذا الكهل .. فوافق ابن عويد على فكرته و أرسل في طلب هذا الكهل و لما حضر هذا الكهل و أخبره أبن عويد عن أمر هذه الساحرة وعد هذا الكهل بقتل هذه الساحرة قريبا الا أن الكهل طلب من أبن عويد جمع أهل القرية جميعهم أمام منزل الساحرة في الغد و فعلا وافق أبن عويد على جمع أهل القرية جميعهم أمام منزل الساحرة بعد صلاة العصر بدون معرفة سبب ذلك .
و لما أتى الغد و تجمع أهل القرية جميعهم أمام منزل الساحرة . خرجت عليهم الساحرة وهي تصرخ و تهدد الجميع بأنها ستصخط و تعاقب كل من يبقى في هذا المكان فبدأ الناس بالهرج و المرج و أصاب البعض منهم الخوف من ذلك و لما هم بعض أهل القرية مغادرة المكان أتاهم صوت من خلفهم يطلب منهم المكوث وعدم مغادرة المكان و لما ألتفت الجميع الى مصدر الصوت عرف الجميع أن من أطلق الصوت هو ذلك الكهل الكبير الطاعن في السن .. بدأت العيون بمراقبة هذا الكهل وهو يشق الصفوف ليصل الى باب منزل الساحرة . وبعد أن وصل الى باب بيت الساحرة بدأ يطرق بعصاه الباب الا أن أحدا لا يجيب واصل الكهل طرق باب البيت الى أن أتاه صوت الساحرة من الداخل وهي تهدد هذا الكهل و تطلب منه مغادرة المكان . الا أن هذا الكهل لم يتزعزع ففتح باب البيت و دخل إليه و بعد برهة من الوقت خرج هذا الكهل وهو يسحب هذه العجوز من شعرها . ثم بعد ذلك قام بإيقاف الساحرة أمام الناس وطلب منها الإعتراف بسحرها وبعد أن أعترفت رفع هذا الكهل عصاه ليضربها الا أن هذه العجوز خرت صريعة من شدة الخوف قبل أن تلمسها العصى .
و بعد هذه الحادثة عاش أهل القرية بسلام و أمان و أصبح لهذا الكهل التقي منزلة و مكانة في حضوة ابن عويد و في حضوة أهل القرية [/align:a5611fbec9]