السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الموضعين السابقين تعرفنا على قصتين من قصص الطيور الثلاثه
قصة الغراب .. وقصة طائر الهـدهـد ..
حكوها لنا على لسانهم لأخذ العبرة من قصصهم كما ذكرها الذكر الحكيم .. أما حكايتنا الجديدة هى:
حكاية طائر السلوى ( السمان)
ذكر طائر السمان (السلوى) – فى ثلاثة آيات فى القرآن الكريم ..
وذلك عند تعداد النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل ، وقد أكد سبحانه أنهما
من طيبات الرزق
كما جاء في قوله في سورة طه 80:
وقد تكرر ذكر ( المن والسلوى ) قال تعالـى:
لقد أنزل الحق سبحانه وتعالى على بني إسرائيل الذين اشتهرعنهم العناد وكثرة المجادلة طعاماً
من أطيب ما خلق ، فقالوا لنبيهم جحوداً وتعالياً على فضل الله:
فتعجب موسى عليه السلام ..! أشد العجب وقال لهم:
وطائر السلوى هو طائر السمان كما أجمع المفسرون،
الذي يروي لنا حكايته ..
ويعرفنا لماذا اختاره الله سبحانه وتعالى من دون الطيور الأخرى ليكون طعام لبني إسرائيــل فيقول:
أنا طائــــر السلـــــــوى ..
طائر معروف جميل وسمين يؤكل لحمى لأنه ، من اشهى وألذ أنواع اللحوم ، لي مشية خاصة مشي الحياء ،
وباستطاعتي الطيران لمسافة طويلة.. وذكرت في القرآن الكريم باسم السلوى في عدة آيات كريمات..
( وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى... ) الأعراف/160
وأنا الذى اختارني الله طعاماً لليهود ولكنهم فضلوا عليّ أنواع الطعام الأخرى ، وقصتي معروفة مع بني إسرائيل ..
تبدأ حكايتي ، عندما خرج بنو إسرائيل من مصر طلبوا من نبيهم موسى لحماً ,
فأنزلني الله سبحانه وتعالى لهم ( المن ) لأن طعامي أبيض من اللبن وأحلى من العسل , ثم أرسلني
لهم سبحانه وتعالى .. كنت أنزل عند مساكنهم , فكان الرجل يذبح مني ما يكفي يومه دون عناء أوتعب
فجحد بنو إسرائيل بهذه النعمة وطلبوا من موسى عليه السلام أنواعاً اخرى من الطعام ..
فاخبرهم موسى بأن ينزلوا أى بلد فسيجدوا ذلك كثيراً ثم منعي ربي عنهم ( المن والسلوى) وكتب عليهم غضبه وسخطه...
هكذا أمر وأباح وأرشدَ العزيز الكريم لبني إسرائيل في قوله تعالى:
( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) البقرة271
وأمرهم بالأكل وبالعباذة كما قال تعالى:
( كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ) سبأ: 15.
ولكنهم خالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم ، بعد ما شاهدوه من الآيات البينات والمعجزات القاطعات وخوارق
العادات ومن هنا يتبين فضيلة أصحاب سيدنا محمد ، ورضي عنهم على سائر أصحاب
الأنبياء في صبرهم وثباتهم ... وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفارهِ وغزواتهِ منها ..
عام تبوك في ذلك الحرالشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلاً على النبي
ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم فجمعوا ما معهم فجاء قدر مبرك الشاة فدعا
الله فيه وأمرهم فملئوا كل وعاء معهم وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل النبي الله تعالى
فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملئوا أسقيتهم ثم نظروا فإذا هي
لم تجاوز العسكر فهذا هو الأكمل في اتباع الشيء مع قدرالله مع متابعة الرسول .
معلومات بسيطة عن هذا الطائر المختار دون الطيور الأخرى..
من مميزات لحم ( السمان ).. يمتاز لحم السمان بالنعومة ، وبالصفة المرمرية ..
حيث أن نسيج العضلات يعتبر من النوع الناعم ، ولا توجد ألياف في نسيج لحمه مما يجعله سهل المضغ والاستساغة..
أما بيضهِ فهو يستخدم في كل أنواع المأكولات التي تعتمد في تصنيعها علي البيض ،
فهو يعطي الأكل المذاق الحقيقي للبيض البلدي..
ويعتبر من أفضل أنواع بيض الطيور، حيث تزيد نسبة الصفار إلي البياض عنها ..
في باقي الطيور كالدجاج والرومي والبط والإوز...
بالإضافة إلي أنه أغني بالعناصر المعدنية والفيتامينات..
تلك الصفات وأوجه الإعجاز.. جعلت إنزاله سبحانه وتعالى طائر السمان أوالسلوى
على بني إسرائيل ولم ينزل عليه طائراً غيره لما فيه من القيمة الغذائية ووصفه أنه ، من الطيبات .. وهذا ما أثبته العلم الحديث..
وهكذا تنتهى قصصنا القرآنية الثلاث ، وفيها بيان لجوانب العبرة المتنوعة وأثرها
البالغ في النفوس ، وتعويض عن الكثير من الكلام ،
ولم يقصها علينا القرآن الكريم من أجل التسلي والاستئناس ، ولكن من أجل التفكر وأخذ العبر، كما يقول تعالى:
{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» } (الأعراف:176).
لكي نكتشف سنن السير في هذا الكون ومنهاج التعامل مع
نعم الله عزه وجل ...